اللاذقية (باليوناني:Λαοδικεία تلفظ laodikeia,laodiceia، باللاتيني:Laodicea ad Mare) مدينة سوريّة، تعتبر الرابعة في الجمهورية من حيث عدد السكان، بعد دمشق، حلب وحمص، تقع على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، ضمن شبه جزيرة بحرية، على بعد حوالي 385كم من الشمال الغربي للعاصمة السورية دمشق[1]، وهي المنفذ الأول لسوريا على البحر المتوسط، ما أكسبها موقعًا تجاريًا فريدًا، وأغناها بالعديد من المرافق الحيوية، الصناعية والتجاريّة؛ فضلاً عن ذلك فإن المدينة هي المركز الإداري لمحافظة اللاذقية.
تعتبر اللاذقية مركزًا سياحيًا هامًا لغناها بالمواقع الأثريّة التي يرقى بعضها إلى العصر الفينيقي[2]، فضلاً عن المناخ المعتدل وتوفر خدمات الصناعة السياحية[3]، وتعتبر أيضًا، مدينة قديمة وعريقة إذ تشير الآثار أنّ هذه المنطقة كانت آهلة بالسكن البشري منذ العصور الحجرية[1].
شهدت اللاذقية في العصور القديمة ازدهارًا فنيًا واقتصاديًا وثقافيًا نادرًا وظهرت من أوغاريت الأبحدية الأولى[4]، كما كانت مركزًا هامًا في العصرين الهليني والبيزنطي، إلا أن وقوعها على الحدود بين الدولة العربية والإمبراطورية البيزنطيّة، وتحولها لما يشبه دول الثغور، قد أدى إلى تراجع أهميتها ودورها، في العصرين الأموي والعباسي، وما ساهم في تردي الوضع الكوارث الطبيعية والزلازل التي مرت على على المدينة، والإهمال الإداري خصوصًا في الحقبة العثمانية، بيد أن اللاذقية قد أخذت أهميتها في التنامي بدءًا من بدايات القرن العشرين، واستطاعت أن تصبح مركزًا تجاريًا، صناعيًا، ثقافيًا وسياحيًا هامًا، حتى غدت مقصد أغلب السيّاح في سوريا[5]، ويبلغ عدد سكانها التقريبي نصف مليون نسمة، أي حوالي نصف سكان محافظة اللاذقية[6].
اختيرت قلعة صلاح الدين الأيوبي، على بعد 3كم من المدينة، كواحدة من مواقع التراث العالمي، المحمي من قبل اليونيسكو
اكتسبت اللاذقية عددًا كبيرًا من الأسماء، بتطور المراحل والحقب التاريخية التي مرت عليها، ففي العصور الفنيقية الأولى أطلق عليها اسم أوغاريت وكذلك شمرا ويعتبر اسم ياريموتا من أقدم هذه الأسماء المعروفة، وهو يرقى إلى الحقبة الكنعانية الفينيقية، كما يظهر في مراسلات العمارنةثم حوّل الاسم إلى راميتا، ومعناه المرتفعة ثمّ حول الاسم مجددًا إلى راماثوس وهو اسم أحد الآلهة الساميّة في العصر الفنيقي، أما الإغريق فقد أطلقوا عليها اسم الرأس الأبيض، ودعاها السكان المحليون من الصيادين مزبدا المشتقة في اللغة العربية اليوم من "زبد البحر"أما الإمبراطور جوستيان أطلق عليها اسم تيودوريارس، في حين أسماها الصليبيون لاليشوعندما جدد بنائها الإمبرطور سلوقس نيكاتور، أطلق عليها اسم لاوديكيا على اسم أمه، كما سمى أنطاكية على اسم زوجته، وهو أصل المصطلح حتى يومنا هذا، إذ إن كلمة لاوديكيا قد حرفت على نحو ما لتصبح اللاذقية ثم أعاد يوليوس قيصر في القرن الأول قبل الميلاد بتسميتها جوليا، ودعاها الإمبرطور سبيتيموس ساديروس، سبيتما السافريّة؛ وإبان الحكم الأموي وفتح المدينة أطلق عليها اسم لاذقية الشام تمييزًا لها من بين عدد من المدن يحمل الاسم نفسه، ووصفها الفاتحون بأنها عروس الساحل، وهو الاسم الذي لا يزال متعارفًا عليه حتى اليوم.
أما شعار المدينة، فقد تمّ اعتماده العام 1975 من قبل مجلس مدينة اللاذقية، وهو يمثل مرساة سفينة يحيط بها دلفينان، تعتبر نسخة لإحدى الآثار المكتشفة والتي تعود للقرن الثاني قبل الميلاد في المدينة، كذلك فهي تتواجد على عدد كبير من القطع النقدية التي تعود للفترة السلوقية، وتعتبر اللاذقية المدينة الوحيدة في الشرق الأوسط التي استعملت حيوان الدلفين كأحد رموزها، أما المرساة أو الياطر فهو يشير إلى الملاحة، النشاط الاقتصادي الأول في المدينة، وقد وضع اسم لاذقية العرب لكونه الاسم الذي أطلقه عليها المسلمون عند دخولهم المدينة في القرن السابع، تمييزًا لها عن ثمانية مدن أخرى تحمل الاسم نفسه؛ وقد وضع هذا الشعار جبرائيل سعادة.
الجغرافيا :
شاطئ صخري في منطقة الكورنيش الجنوبي
تقع اللاذقية ضمن شبه جزيرة طبيعية على الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وتعرف إحداثيتها الجغرافية بأنها شمالاً 31° شمالاً و41°شرقًا، يحد المدينة من الغرب البحر الأبيض المتوسط، ومن الشمال البحر أيضًا ومنطقة دمسرخو التي باتت تعتبر من التوسع الطبيعي للمدينة، أما من الجنوب تحدها مجموعة من القرى والسهول الزراعيّة قبل أن تصل إلى مدينة جبلة التابعة لمحافظة اللاذقية أيضًا، أما من ناحية الشرق فتحدها سلسلة جبال اللاذقية المرتفعة والتي تشكل حاجزًا طبيعيًا بين منطقة اللاذقية ومنطقة سهل الغاب.
ولكونها تقع ضمن شبه جزيرة، فتتخذ المدينة شكل مثلث، لكن التوسعات العمرانية بدءًا من النصف الثاني للقرن العشرين، أخذت من خلالها المدينة بالزحف نحو الداخل خارج شبه الجزيرة الطبيعية التي نشأت فيها، وتبلغ مساحتها 2437 كم²؛ أما شاطئ المدينة يعتبر متنوعًا للغاية، فهو رملي في شمال المدينة، ثم يتحول إلى صخري في وسطها وجنوبها، ويعود رمليًا في ضواحيها الجنوبية، كمنطقة برج سلام مثلاً.
المناخ :
يعتبر مناخ مدينة اللاذقية بشكل عام، مناخًا معتدلاً، شبيهًا بسائر الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط المتميز بفصول، الصيف الحار والجاف، ربيع وخريف معتدلان، ثم شتاء بارد وممطر؛ يعتبر شهري تموز وآب أكثر أشهر السنة حرارة حيث تصل درجات الحرارة إلى 30° على مقياس السيلسيوس، وكذلك يعتبر شهري كانون الثاني وشباط، أكثر أشهر السنة بردًا حيث لا تتجاوز درجات الحرارة 8° على مقياس سيلسيوس؛ ولا تتساقط الثلوج في المدينة، إلا أنها تتساقط بغزارة في المناطق القريبة منها والجبال المحيطة بها، كصلنفة مثلاً. لقد ساعد مناخ اللاذقية المتوسط، على أن تكون منطقة زراعيّة بإمتياز، فاشتهرت في العصور القديمة بريف خصب وغني خصوصًا بالحمضيات وكروم العنب، ومنها كان يصنع النبيذ اللاذقي ويصدر إلى اليونان ومصر، وقد اشتهر هذا النبيذ بجودته وشهرته، إلا أن صناعته تراجعت بشكل كبير، في أعقاب الفتح الإسلامي للمنطقة، وأخذت زراعة الحمضيات تتوسع على حسابه، كذلك ظهرت زراعة التبغ في المدينة، وهي مستمرة حتى اليوم، أما النبيذ فقد فقدت اللاذقية حظوتها السابقة، حتى في داخل الجمهورية إذ تعتبر محافظة السويداء هي الأولى في إنتاجه داخل الجمهوريّة .
حالة الطقس :
متوسط حالة الطقس في اللاذقية
الشهر يناير فبراير مارس ابريل مايو يونيو يوليو أغسطس سبتمبر أكتوبر نوفمبر ديسمبر المعدل السنوي
متوسط درجة الحرارة الكبرى ب°ف 52 54 57 63 68 73 79 84 77 72 63 55 66
متوسط درجة الحرارة الصغرى ب °ف 41 43 52 57 63 68 72 73 72 63 50 45 61
هطول الأمطار بإنش 5.9 4.3 3.7 2.9 1 0.2 0 0 0.5 2.7 4 6.7 30.5
متوسط درجة الحرارة الكبرى ب °م 11 12 14 17 20 23 26 29 25 22 17 13 19
متوسط درجة الحرارة الصغرى ب°م 5 6 11 14 17 20 22 23 22 17 10 7 16
هطول الأمطار ب سم 15 11 9.3 7.4 2.5 0.5 0.1 0.1 1.2 6.8 10.1 17 77.4
مناطق المدينة :
إن مدينة اللاذقية غير مقسمة إلى دوائر انتخابية، بل إن المدينة بكاملها لا تعتبر دائرة انتخابية، إذ نصّ قانون الانتخابات السوري أن تكون المحافظة هي أساس الدائرة الانتخابية باستثناء مدينتي دمشق وحلب، وتمثّل محافظة اللاذقية في مجلس الشعب السوري البالغ عدد أعضاءه 250 عضوًا، بسبعة عشر عضوًا، بحيث يكون متوسط تمثيل النائب حوالي 56000 فردًا، وتعتبر هذه النسبة منخفضة بالنسبة لسوريا ككل، حيث يبلغ المتوسط العام 74000 فردًا للنائب. والحال نفسه بالنسبة لانتخابات مجلس البلدية، إذ تعتبر المدينة دائرة واحدة، فلا يوجد تقسيمات إداريّة واضحة، لكن عددًا من هذه المناطق يرأسها مختار معيّن من قبل وزارة الإدارة المحلية وتشمل ولاية المختار منطقة إداريّة واسعة، مقسمة بدورها إلى عدد من الأحياء والمناطق الفرعيّة، وتسعى الحكومة بشكل دائم لتطوير المدينة وبنيتها التحتية، وتتميز المدينة باختفاء الفرز الطائفي، إذ يعيش أبناء مختلف الطوائف والأديان في المناطق ذاتها جنبًا إلى جنب.
الصليبة (اللاذقية)
تعتبر منطقة الصليبة، من أكبر المناطق الإدارية في المدينة وأقدمه، تحتوي عددًا من المناطق الفرعيّة الهامة أمثال شارع بغداد وشارع بور سعيد، وتعتبر منطقة الكورنيش الجنوبي، التتي تتميز بمرافقها السياحية وأبنيتها الفخمة، ضاحية لها، كذلك الحال النسبة لمنطقة السكنتوي (ومن غير المعروف سبب التسمية)، والتي تعتبر من أكثر المناطق شعبيّة في المدينة؛ تحوي منطقة الصليبة على عدد كبير من آثار المدينة القديمة كقوس النصر الذي يعتبر شعار المدينة اليوم، وتحوي أيضًا عددًا من مؤسسات الدولة العامة، كشركة المياه والكهرباء والمشفى الوطني وبنك الدم، فضلاً عن صحف الثورة، البعث والوسيلة الإعلانيّة، ونادي حطين الرياضي ودار الأيتام الإسلاميّة، ويعتبر شارع اليرموك حيث تقع كنيسة سيدة اللاذقية المارونية وتفرعاته، حدًا فاصلاً بين هذه المنطقة ومنطقة أوغاريت التابعة لمنطقة الشيخ ضاهر كذلك فإن منطقة الطابيات تعتبر امتدادًا لمنطقة الصليبة وتتبع لها إداريًا.
منطقة الشيخ ضاهر :
تعتبر منطقة الشيخ ضاهر، قلب مدينة اللاذقية التاريخيّة، حدودها الإدارية واسعة للغاية، فهي تشمل الشيخ ضاهر التقليدية مضافًا إليها منطقتي العنابة وشارع ابراهيم هنانو، فضلاً عن ساحة أوغاريت وشارع الثامن من آذار ومنطقتي الإمريكان وكورنيش البطرني؛ تعتبر منطقة شارع الثامن من آذار المركز التجاري للمدينة وتحوي على بناء الأوقاف وهو أعلى بناء فيها، فضلاً عن عدد من المصارف والمؤسسات الحكوميّة، وأما بالنسبة لمنطقة الإمريكان فقد اكتسبت اسمها نسبة لمدرسة الإرساليين الإمريكيين، التي كانت موجودة فيها قبل عهد الاستقلال، ويتميز هذا الجزء من المدينة بمطاعمه الفاخرة ونواديه الرياضية، فضلاً أنه يحوي هيئة الرقابة والتفتيش وفرع البنك المركزي في اللاذقية والمتحف الوطني ومركز الشرطة الرئيسي، بينما تشمل ساحة الشيخ ضاهر الرئيسية، مدرسة جول جمال الأثرية وقصر المحافظة الجديد وسوقًا شعبيًا تتفرع منه منطقة العوينة التابعة أيضًا للشيخ ضاهر، وتحوي سوق الذهب ومطرانيتي الروم الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس، إن هذه المنطقة من الشيخ ضاهر، تتميز بشوارعها الضيقة وأزقتها المقبية وسوقها الشعبي المسقوف.
منطقة المار تقلا :
تحوي منطقة المار تقلا على كنيسة أثرية ترقي للقرون الأولى من المسيحية أعيد اكتشافها وبنائها حديثًا، أكسبت هذ الكنيسة المشيدة على اسم القديسة تقلا، المنطقة اسمها. تحوي هذه المنطقة أيضًا على مبنى المحافظة وكذلك مبنيَيْ مديريتيْ المالية والزراعة، فضل عن عددٍ من المساجد الكبرى في المدينة أمثال جامع عمر بن الخطاب وجامع العجان، وتشمل منطقة المارتقلا إداريًا قسمًا من شارع أنطاكية ومنطقة السجن المسماة نسبة إلى سجن المدينة المركزي الموجود فيها، وهي على اتصال بضواحي المدينة الشمالية من خلال الطريق السريع المؤدي إلى المدينة الرياضية؛ وتتميز المنطقة بتعدد المدارس والهيئات التعليمية فيها.
الرمل الشمالي:
عقدة مواصلات صغيرة بتصميم رائع في منطقة الرمل الشمالي.
تعتبر منطقة الرمل الشمالي من التوسعات الشمالية الحديثة للمدينة، تحوي على الملعب البلدي وساحة حلوم وطريق أفاميا، إضافة إلى قسم من شارع الجمهورية والمشروع العاشر ومنطقة الشالهيات، تتزايد أهمية منطقة الرمل الشمالي يومًا بعد يوم، لكونه يشكل المنفذ الطبيعي لتوسع المدينة الصناعي والتجاري، فضلاً عن اتصاله بالمنطقة الصناعية ومنطقة التجارة الحرة في المدينة، ويعتبر غنيًا بالمؤسسات التعليمية، ويحوي مسجد الإمام جعفر الصادق.
منطقة مشروع الزراعة :
تتألف هذه المنطقة من قسمين أساسيين هما مشروع الزراعة الذي نشأ في أواخر سبعينات القرن الماضي، مضافًا إليه مشروع البعث، كتوسع طبيعي لمنطقة المشروع؛ والقسم الثاني ممثلاً بمنطقة المشروع السابع التي تسمى أيضًا منطقة السابع من نيسان، وهي من التوسعات الحديثة العهد نسبيًا، تشمل منطقة الزراعة، جامعة تشرين، المرفق التعليمي الأول في المحافظة، في حين تتميز منطقة السابع من نيسان بالأبنية الحديثة، والطريق السريع الذي تشرف عليه والمسمى أوتستراد الثورة المؤدي إلى خارج المدينة، ويتفرع عن حي السابع من نيسان عدد من الأحياء الجانبية أبرزها ضاحية تشرين وحي علي الجمال ومنطقة الهجرة والجوازات، وقد أخذت نواة سوق تجاري تتشكل في هذه المنطقة فضلاً عن تواجد فروع لعدد من المصارف والشركات إضافة إلى المؤسسات الحكومية، وتعتبر هذه المنطقة تكاملاً لمنطقة المشروع ولمنطقة الرمل الشمالي، وتبع لها نحو الشرق الرمل الفلسطيني، وهو عبارة عن عدة أحياء منفصلة، يقطنها عدد من اللاجئون الفلسطينييون.
منطقة المشاريع:
يتفرع عن منطقة المشروع أو المشاريع في اللاذقية عدد من الأحياء، كمشروع الأوقاف، المشروع الأول والثاني ومشروع ياسين، نشأت هذه المنطقة في النصف الثاني من القرن العشرين، كتوسع طبيعي للاذقية التاريخية، اشتهرت في السابق بالفيلات والمنازل المنفردة (أي أن البناء عبارة عن طابق أو طابقين يكون للأسرة نفسها) لكن سرعان ما أخذت طابع وسط المدينة العمراني بالأبنية المتعددة الطوابق؛ يحد منطقة المشروع من الجنوب مؤسسة التبغ (الريجي) والطريق السريع المؤدي إلى خارج المدينة نحو حمص ودمشق، وكذلك سكة القطار، في حين يخترقها شارع سوريا من الناحية الغربيّة، قبل أن تبدأ مرحلة مشروع القلعة، والتي تصنف أحيانًا كمنطقة منفصلة عن منطقة المشروع، والتي تتميز بآثار معمارية قديمة، وكان يطلق منها مدفع رمضان إيذانًا بغياب الشمس وانتهاء فترة الصوم، وقد اكتسبت اسمها هذا، بنتيجة كونها هضبة داخل المدينة وأعلى مناطقها ارتفاعًا، فتبدو للناظر وكأنها قلعة. تمتاز هذه المنطقة من المدينة، بجوها الهادئ، البعيد عن صخب وسط المدينة، وتقل فيها مؤسسات الدولة والشركات أو المراكز التجارية، وتحوي عددًا هامًا من الجمعيات وأماكن العبادة، كمسجدي ياسين والروضة، وكنيسة مار إندراوس للروم الأرثوذكس.
التاريخ:
العصر الحجري والعصر البرونزي
إن الكسر الفخارية المكتشفة على بعد ثلاث كليومترات إلى الشمال الشرقي من مدينة اللاذقية اليوم، تثبت أنها قد كانت مأهولة منذ العصر الحجري أي منذ حوالي العام 7000 قبل الميلاد[1]؛ لقد أثبتت الحفريات الأثرية في المنطقة والتي تدعى رأس شمرا منذ العام 1929 أن اللاذقية القديمة أو أوغاريت لا تزال بكاملها ترقد تحت التراب، وبتتابع عمليات الحفر والتنقيب اكتشفت مدينة أوغاريت التي كانت اللاذقية الحالية بمثابة ضاحيتها الجنوبية، وتربطها بها علاقات سياسية وتجارية.
أما قوام الحياة الاجتماعية والاقتصادية في تلك الفترة فقد كان معتمدًا على الصيد البحري واصطياد الخنزير البري، وقد أثبتت الآثار أيضًا أن سكان المدينة القدماء قد دجنوا البقر والماعز، وكانت لهم حياة ثقافية نشطة، تمثلت بما عثر عليه من أرقم فخارية كتب عليها باللغة المسمارية، واستطاعوا خلال العصر البرونزي أي حوالي العام 3500 قبل الميلاد زراعة الزيتون والفستق واللوز والتين، فضلاً عن استحداث تنظيمات للفلاحين والعمال بما يشبه التعاونيات والنقابات في أيامنا المعاصرة، لكن المدينة خلال هذه الفترة انحصرت في القسم الشمالي من تل رأس شمرا، وانقرض الوجود البشري في سائر أنحائها، وفي نهاية العصر البروزني حوالي العام 1600 قبل الميلاد، أخذ الحوريون يفدون إلى المدينة حتى ظهرت جالية كبيرة منهم فيها، وتظهر الرُقم العائدة إلى تلك الحقبة، والتي اكتشف بعضها في إيبلا أو في العراق، أن للمدينة علاقات تجارية وسياسيّة واسعة مع مختلف الممالك كجزيرة كريت ومصر ومملكتي ماري وإيبلا القريبتين من نهر الفرات.
وقد تكون عمارة القصر الملكي المكتشف، والمخطوطات التي تظهر تصاميمه، أكبر دليل على الترف والقوة اللتان تمتعتا بهما، المدينة القديمة، إن أحد الرقوم يذكر أن سطوة المدينة امتدت من جبل الأقرع شمالاً حتى مدينة بانياس الساحل جنوبًا، وإلى جانب العاصمة الدائمة، كانت منطقة ابن هاني إلى شمال المدينة، تشكل المقر الصيفي للعائلة الحاكمة؛ وقد ظلّ ازدهار أوغاريت قائمًا في عهود أربعة ملوك هم: الملك نقمد الثاني وابنه أرخلب، وشقيقه نقمفيع، وفي عهد هذا الأخير حصلت معركة قادش الشهيرة حيث اصطدم الحثيون والمصريون في معركة، آثر خلالها الأوغارتيون الوقوف إلى جانب الحثيين، الجار الشمالي للمملكة، وتلى نقمفيع ابنه عميستر الثاني، ثم أبيران الثاني وحفيده نقمد الثالث تلاه عمورافي آخر ملوك المدينة، إذ إنها قد دمرت بعدئد، كسائر مدن الساحل السوري بسبب غزوات "شعوب البحر" حوالي العام 1182 قبل الميلاد، ورغم مرور ما يقارب الثمانين عامًا على اكتشاف المدينة، إلا أن عملية التنقيب لم تكشف حتى الآن سوى على ثلث المدينة، ولا يزال ثلثي المدينة بحاجة إلى كشف، إن صعوبة التنقيب في تلك المنطقة، تعرقل عملية الكشف عن سائر الآثار.
العهدين الفنيقي والهليني :
إن زوال مملكة أوغاريت، جعلت منطقة الساحل الشمالي لسوريا، تابعًا للمالك الفنيقية، والفينيقيون أنتجوا الأصبغة الملونة باللون الأرجواني، وازدهرت لديهم صناعة الزجاج والخشب والعاج، وسوى ذلك كانت مهنتهم الأساسية تقوم على التجارة البحرية، فطافوا في مختلف أنحاء حوض البحر المتوسط، وأسسوا عددًا من المراكز الدائمة على سواحل الحوض، كعدد من موانئ جزيرة قبرص، ومالطا ومدينة قرطاجة التونسية الشهيرة؛ وخلال القرن التاسع قبل الميلاد، سقطت المدينة في يد الآشوريين، ثم في يد البابليين، الذين خلفوا الآشوريين في حكم المشرق خلال القرن السابع قبل الميلاد، وأخيرًا الفرس بدءًا من القرن السادس قبل الميلاد، وحتى دخول الإسكندر المقدوني إلى سوريا في القرن الرابع قبل الميلاد، ناشرًا الثقافة اليونانية. إن دخول اللاذقية تحت الحكم الآشوري ثم البابلي فالفارسي، جعلها منفتخة في الحقيقة على الثقافة الآرامية التي كانت سائدة في الداخل السوريْ، في حين أن موقع اللاذقية وصلاتها جعلتها على هامش الحضارة السريانية، ولا تزال آثار الحقبة السريانية بادية إلى العيان من خلال أسماء القرى المنتشرة في محافظة اللاذقية ومن خلال بعض المصطلحات المنتشرة في اللغة الدارجة، بين سكان المدينة حتى يومنا هذا؛ لكن الثقافة السريانية لم تكن هي المسيطرة في اللاذقية كما هي الحال في الداخل، بدءًا من العام 333 قبل الميلاد، وهو العام الذي أصبحت به سوريا بشكل رسمي تابعة للإمبراطورية اليونانية بقيادة الاسكندر المقدوني، إذ إن موقع اللاذقية الساحلي وتجارتها مع اليونان جعل من اللغة اليونانية لغة سائدة، وكذلك عدد من العادات والتقاليد، وعندما أعاد سلوقس الأول نيكاتور بناء المدينة وتسويرها، أعاد بنائها على الطراز اليوناني، وأطلق عليها اسم لاوديكيا تكريمًا لولادته، وألفت اللاذقية في ذلك الوقت مع كل من أنطاكية وسلوقية وأفاميا نوعًا من الإتحاد. ومن الثابت القول، أن المدينة التي أعاد بنائها سلوقس الأول، كانت واحدة من مدن الساحل الشهيرة، ولا تزال بعض آثارها باقية إلى اليوم، كبقايا القنوات المائية التي أنشأها هيرود العظيم أو أطلال معبد باخوس؛ إن المؤرخ سترابو يصف مدينة اللاذقية بأنها مدينة حسنة المباني ويذكر أنها تمتلك مرفأً ممتازًا، كما ذكر بأنها محافطة بريف خصب وغني خصوصًا بكروم العنب، ظلت اللاذقية تحت حكم سلوقس نيكاتور وخلفاءه حتى العام 64 قبل الميلاد، حين أصبحت جزءًا من الإمبراطورية الرومانية.
أطلال معبد باخوس، تعود للعصر الهليني.
العهدين الروماني والبيزنطي:
أصبحت سوريا تحت حكم الإمبرطور كاسيوس بدءًا من العام 64 قبل الميلاد، لكن اللاذقية وقفت إلى جانب دوبللا، فحاصرها كاسيوس العام 43 قبل الميلاد، واستطاع احتلالها فدمر عددًا من مبانيها وأحرق أحياءً بكاملها؛ لكن كاسيوس فقد المدينة بعد ثلاث سنوات فقط حين زارها مارك أنطونيو وأعلنها مدينة معفاة من الضرائب، نظرًا لأوضاعها الاقتصادية السيئة، وعندما أعجبه مناخها أقام فيها مدة من الزمن للراحة والاستجمام ومع مطلع القرن الأول الميلادي، عادت اللاذقية مدينة تجارية مزدهرة بسبب مرفأها الذي شهد حركة استيراد وتصدير نشطة؛ وقد شهدت تلك الفترة أولاً الدخول المبكر للمسيحية إلى المدينة، إذ إن رسل المسيح انتشروا مبشرين في الساحل السوري، وفي أنطاكية دعي التلاميذ للمرة الأولى مسيحيين، وكان "لوقا" أو لوقيوس المذكور في سفر أعمال الرسل أو أسقف لها، وتدل الآثار المسيحية المبكرة في المدينة، كدير الفاروس مثلاً، على أن اللاذقية كانت معقلاً قويًا للمسيحية في العهود المبكرة؛ وإلى جانب الازدهار الديني، وصل الازدهار الاقتصادي التجاري إلى مرحلة متقدمة، حيث سكت المدينة نقودًا فضية وبرونزية خاصة بها، إلا أن هذا الاستقرار شهد نزاعًا نهاية القرن الثاني، إذ استعر الخلاف بين سبيتيموس سافريوس وبيسينيوس نيجر، حول حكم عرش روما، واستطاع نيجر احتلال اللاذقية وتخريبها لكن سيفروس هزم نيجر في معركة أيسوس، وأمر بإعادة بنائها، وأمر أن يخلّد انتصاره فيها من خلال بناء قوس النصر، الذي لا يزال حتى يومنا هذا، وجعله مركز مدينة اللاذقية إذ تفرع من القوس شارعان متصالبان شكلا مركز المدينة، كما قام الإمبرطور بتوسيع المرفأ، ويعود للحقبة ذاتها بناء المدرج الروماني في مدينة جبلة القريبة؛ وإلى جانب المسيحية وبقايا الوثنية، سكنت في اللاذقية جالية يهودية كبيرة في القرنين الأول والثاني؛ وقد دخلت اللاذقية ضمن حدود مملكة تدمر التي أنشأتها الملكة الشهيرة زنوبيا لكن عهد الاستقلال هذا سرعان ما تبدد مع عودة الرومان عام 297 وتدميرهم مملكة تدمر، وإخضاعهم مناطقها للسيطرة الرومانية مجددًا على عهد الإمبراطور تراجان. ولدى قسمة الإمبراطورية الرومانية، كانت اللاذقية ضمن حدود الإمبراطورية الرومانية الشرقية التي تدعى أيضًا الإمبراطورية البيزنطية، فكانت اللاذقية ضمن مقاطعة إدارية أطلق عليها اسم سوريا الكبرى وكانت عاصمتها أنطاكية، لكن اللاذقية خلال العهد البيزنطي، سيكون لها تاريخ سيء مع الكوارث الطبيعية خصوصًا الزلازل، إذ أصابتها ثلاث زلازل مدمرة أعوام 494 ثم 529 و555، فدمرت أجزاء كبيرة من المدينة وقتل آلاف السكان، ما اضطر الإمبرطور جوستينان إلى اعفائها من الضرائب وتقديم مساعدات من روما لإعادة إعمار ما تهدم منها، واستحدث ولاية جديدة أسماها تيودوريارس، كان مركزها اللاذقية وألحق بها كل من جبلة وبانياس وسائر الساحل السوري. كانت اللاذقية، كما جميع أنحاء سوريا، مركزًا أساسيًا للكنيسة المسيحية الأولى، وتدل الآثار المكتشفة والوثائق التاريخيّة، أن اللاذقية قد لعبت دورًا هامًا على الساحة الدينية، فقد شهد القرن الرابع هرطقة أبوليناروس اللاذقي مطران المدينة، والذي تمّ حرمه الكنسي ونفيه، بسبب آراءه حول طبيعتي المسيح بشكل يقترب من المفهوم النسطوري في أيامنا هذه، يعود للفترة نفسها، أي للقرنين الرابع والخامس بناء عدد كبير من الكنائس في المدينة، مثل كنيسة القديس نيقولاوس للروم الأرثوذكس التي كانت كاتدرائية المدينة وظلت كذلك حتى مطلع القرن العشرين، وكنيسة السيدة العذراء في السوق المقبب المتفرع من ساحة أوغاريت، بالإضافة إلى كنيسة مار موسى السريانيّة، وعندما حصلت السجالات الدينية في مجمع خليقدونية العام 451، انقسمت المدينة كغيرها إلى أسقفيتين الأسقفية الخليقدونية والأسقفية المونوفيزيّة، إلا أن الغلبة الديموغرافية كانت للقسم الخليقدوني.
العهدين الأموي والعباسي :
استطاع القائد المسلم عبادة بن صامت فتح مدينة اللاذقية عام 637، دون مقاومة تذكر، وضمت المدينة إلى ولاية حمص، ولكونها واقعة على الحدود مع الإمبرطورية البيزنطية فقد تعرضت للكثير من الهجمات والهجمات المضادة، فهي كانت أولاً ضمن حكم المردة الذين سيطروا أيام مروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان، على الأراضي الممتدة من جبل الأقرع إلى مدينة القدس، وبعد زوال نفوذ المردة قام البيزنطيون بالهجوم عليها عام 718 وتدميرها فأمر الخليفة عمر بن عبد العزيز بإعادة بناء ما تهدم منها، وسكنتها العام 778 والدة السلطان ابراهيم الأدهم وذلك حتى وفاتها[10]، وتعرضت المدينة العام 809 لزلزال عنيف ولم ينجُ منها إلا النزر اليسير، وفي عهد الإمارة التنوخية زارها الشاعر الشهير المتنبي وأقام بها فترة من الزمن، وتوالى عليها عدد من الأمراء التنوخيين وشملت حدودها الساحل وجميع المناطق الداخلية حتى معرة النعمان، وظل حكم التنوخيين قائمًا في المدينة، حتى العام 1055 حين استنجد الخليفة العباسي القائم بأمر الله بالسلاجقة لدرء خطر البويهين؛ فاستطاع السلاجقة طرد هؤلاء وجميع الأمراء الذين وقفوا معهم، وسيطروا على الساحل السوري عام 1074 الذين كان حين ذاك بيد البيزنطيين، إذ إن ضعف الخلافة العباسية، قد حول منطقة الساحل السوري إلى منطقة ثغور، يتناقل السيطرة عليها كل من العرب والبيزنطيين بشكل متواتر، إلا أن الاستقرار لن تنعم به المدينة، فبعد أقل من عقدين، كانت جحافل الجيوش الصليبية تتقدم نحو الشرق.
العهدين الصليبي والمملوكي:
بدأ الصليبيون غارتهم على اللاذقية يوم 17 آب 1097، وكانت المدينة مسرحًا لخلافات عديدة بين الأمراء أنفسهم حول أحقية حكم المدينة، خصوصًا مع مطالبة الإمبراطورية البيزنطية بحكمها إلى جانب أنطاكية، وظلت المدينة تحت الحكم البيزنطي حتى العام 1108 حين استطاع فتحها الأمير تانكرد، مطلقًا عليها اسم لاليش ومتبعًا إياها لإمارة أنطاكية الصليبية، لكن الخلافات عادت بين الأمراء الصليبيين حول حدود إمارة أنطاكية وحدود أمارة طرابلس الصليبيتين، وانتهى الخلاف بفصم بانياس وما يقع جنوبها وإلحاقه بإمارة طرابلس الصليبية، هاجمها الزنكيون عام 1136 ودمروا قسمًا كبيرًا منها وأسروا سبعة آلاف جندي من حاميتها، وأعاد نور الدين زنكي الهجوم على المدينة عام 1171، ورغم كون مرحلة الحروب الصليبية مرحلة حروب واحتلال، إلا أن اللاذقية قد غدت خلالها مركزًا تجاريًا هامًا خصوصًا مع إيطاليا، ودخلت العديد من المفردات الإيطالية إلى اللغة العامة المحكية في المدينة، وغدا اسمها مدينة التجار، لكثرة التجار والأعمال التجارية التي قامت بها خلال العهد الصليبي، وسوى ذلك فإن اللاذقية هي من المدن القليلة التي سكنها الصليبيون واستوطنوا فيها، واهتموا بنوع خاص بأمنها فشيدوا العديد من القلاع، كقلعة صلاح الدين الأيوبي وقلعة المهالبة قرب القرداحة وقلعة برزية قرب صلنفة، ورغم ذلك كله لم تسلم المدينة من قبضة صلاح الدين الأيوبي الذي احتلها في أعقاب معركة حطين وفتح القدس، إذ فرض حصارًا عليها في حزيران من العام 1188، واستطاع دخولها في تموز من العام نفسه، وسلّم شؤونها إلى ابن أخيه الملك المظفر تقي الدين عمر. بعيد وفاة صلاح الدين الأيوبي انقسمت الدولة الأيوبية بين أبنائه، إثر موجة من الخلاف والفوضى، وأصبحت اللاذقية إثر ذلك عام 1193 تحت حكم الملك الظاهر غياث الدين غازي، الذي بنى فيها العام 1211، الجامع الكبير الذي لا يزال شاهدًا على تلك الحقبة حتى أيامنا هذه؛ لكن المدينة لن تبقى تحت حكم الأيوبيين إذ استطاع الصليبيون استعادة السيطرة عليها بعيد العام 1223، بسبب ضعف الدولة الأيوبية وتضعضعها حتى أنها زالت عن الوجود عام 1250 على يد المماليك الذين طردوا الصليبيين نهائيًا من المدينة العام 1277 على عهد الظاهر بيبرس والناصر قلاوون؛ إن وجود اللاذقية تحت الحكم الصليبي خلال أواسط القرن الثالث عشر قد حيدها عن الهجمات المغولية والمجازر التي حصلت لبغداد والخلافة العباسية فيها، لدمشق وحلب غيرها من المناطق، في سوريا والعراق.
قلعة صلاح الدين الأيوبي، على بعد 3كم من اللاذقية، وهي لا تزال بحالة جيدة
خلال الحكم المملوكي ألحقت اللاذقية بنيابة طرابلس التي استحدثت العام 1289 وكانت تشمل الساحلين السوري واللبناني وقسمًا من الساحل الفلسطيني حتى عكا، وكان يرأس كل نيابة نائب السلطان الذي هو أشبه بسلطان مصغر[61]، عانت اللاذقية من الجفاف خلال نهاية الثاني عشر وبداية القرن الثالث عشر، وحاصرها الصليبيون من جديد عام 1324 قادمين من قبرص حيث أسسوا مملكة صليبية مستقلة عن سائر ممالك الشرق السابقة، لكن المدينة نعمت بحياة هادئة إثر هذه الحملة، وبنى المماليك فيها عددًا من الأبنية والصروح التي لا تزال شاهدة إلى اليوم على تلك الحقبة من التاريخ، فحمام المدينة التقليدي يعود إلى العهد المملوكي، وكذلك الجامع المنصوري الذي ألحقت به مدرسة لتعليم الصوفية[59]؛ لكن إصلاحات العهد المملوكي بشكل عام كانت دون المستوى، فانتشر الفقر وعمّ الجهل والأمية مختلف أصقاع البلاد المملوكية، وكانت الإمبراطورية لقمة سائغة في فم سليم الأول السلطان العثماني الذي احتلّ سوريا في أعقاب معركة مرج دابق عام 1514.
العهد العثماني :
لقد عانت اللاذقية خلال العهد العثماني من انحطاط تام واهمال شامل وتناقص في عدد سكان، باختصار، فقد كان وضع المدينة مريعًا كانت المدينة تتبع ولاية طرابلس العثمانية، ودخلت ضمن حدود إمارة فخر الدين المعني الثاني العام 1606، فشهدت نوعًا من الانتعاش الاقتصادي كان قد بدأ أواخر القرن السادس عشر، عندما قام أحد الأمراء ويدعى علاء الدين بتشييد عدد من الخانات (الفنادق) والمباني الجميلة فيها، لكن حكم فخر الدين لن يستمر طويلاً، وعادة المدينة إلى الحكم العثماني المباشر؛ وعندما ربطت الامبراطورية العثمانية نفسها مع الأوروبيين بمعاهدات اقتصاديّة، حولت أسواق الامبراطورية إلى مكان لتصريف المنتجات الأوروبية، كانت اللاذقية ضمن ضحايا تلك السياسة فأسس الأوروبيون أول متجر لهم في المدينة العام 1688، وعندما أصبح أرسلان باشا وليًا على طرابلس في الهزيع الأخير من القرن السابع عشر، عهد شؤون الولاية الشمالية إلى أخيه قبلان مطرجي، الذي نقل مركز الإمارة الشمالية من مدينة جبلة إلى مدينة اللاذقية، فساعد ذلك بنمو المدينة، التي شهدت العام 1712 هجومًا من القراصنة على سواحلها، فأسروا عددًا من أبنائها وباعوهم كرقيق في الجزائر، ومن المعروف أنه وحتى العام 1724 لم يكن في المدينة أية مدرسة ابتدائية أو ثانوية، إنما كان العلم مقتصرًا فقط على الكتاتيب في المساجد، حيث يشمل التعليم حفظ القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة فقط لا غير، وشهد النصف الأول من القرن الثامن عشر ترميمًا لمعالم المدينة الدينية، إذ تمّ العام 1721 ترميم كنيستي القديس جاورجيوس والقديس نيقولاووس، وفي العام 1726 أعيد بناء الجامع الجديد، الذي لا يزال إلى اليوم في ساحة أوغاريت بأمر من والي طرابلس شخصيًا، وبشكل عام فإن آثار العمارة العثمانية لا تزال واضحة العيان حتى أيامنا هذه في المدينة، من خلال عدد من الخانات (الفنادق) والمساجد والحمامات العام.
ويعود لتلك الفترة نفسها، أي أواسط القرن الثامن عشر، انتشار زراعة التبغ وإنتاجه في المدينة، وشكل مزارعو التبغ وتجاره شركة خاصة أسموها "شركة تجار التبغ"، وشكلت زراعة هذه المادة وتجارتها العصب الأساس للحياة في المدينة، إذ ثورة عارمة قامت بوجه الوالي عام 1744 عندما لم يسمح لهم ببيع محصولاتهم للتجار، ليقوموا بإنتاج لفافات التبغ المعروفة اليوم باسم السجائر؛ لكن التجار سووا أوضاعهم مع الحكومة في العام التالي، وفتحت أسواق تصدير هذا التبغ خصوصًا نحو دمياط في مصر، وكذلك إلى أوروبا وخصوصًا فرنسا حيث اشتهر هناك باسم "تبغ اللاذقية"، وكان له مكانة هامة، ورغم هذا الانتعاش الاقتصادي فقد عانت المدينة من عدة كوارث متتالية هما الطاعون الذي أصابها في ربيع 1759، والزلازل المدمرة في نيسان 1796 و1811 ثم 1822، وقد تناقل الأهالي هذه الأحداث بواسطة الذاكرة الشعبية، ومن المعروف أن هذه الزلازل قد سببت انشقاق الأرض وانقلاب أحياء بكاملها؛ شهد العام 1825 بناء مسجد السوق أو البازار ثم دخول المدينة تحت حكم إبراهيم باشا موفد محمد علي باشا إلى سوريا العام 1832، ورغم فترة حكمه القصيرة فقد أظهر الوالي الجديد اهتمامًا واضحًا بالمدينة فأقام بها ثكنة عسكرية وعيّن عليها مديرًا خاصًا. إثر انسحاب المصريين من سوريا العام 1842، سادت فترة من الفوضى البلاد بشكل عام ومن ضمنها اللاذقية، انتشر وباء الكوليرا أو ما كان يعرف وقتذاك الهواء الأصفر العام 1848، لكن الأوضاع أخذت تتحسن بعد ذلك، فأنشئت مدارس ابتدائية وإعدادية في المدينة العام 1859، ودخلها الهاتف العام 1862 والتلغراف عام 1863 من خلال ربطها مع كل من طرابلس، حلب واسطنبول أو الآستانة كما كانت تعرف حينها ثم تمّ توسيع السوق عام 1865، وربطت المدينة مع قبرص من خلال سلك تحت الماء العام 1872، ما أوجب وجود مترجمين في مراكز البريد والتلغراف فيها، وباستثناء انتقال أحداث الفتنة الشهيرة، بين المسيحيين والمسلمين العام 1860، التي بدأت في جبل لبنان وانتقلت إثر ذلك إلى سائر مناطق سوريا ولبنان واللاذقية من ضمنهم، فلا يوجد ما يعكر صفو تلك الحقبة التاريخيّة؛ يذكر التاريخ أن سكان المدينة قد عاشوا أربعين يومًا في الحقول والعراء إثر تخوفهم من زلزال كاذب في آذار 1872 وفي نيسان من العام نفسه، لكن شيئًا لم يحدث، وإنما الذي حدث، هو انتشار وباء الكوليرا من جديد العام 1875 حتى اضطر سكان المدينة لهجرانها نحو القرى المجاورة خوفًا من العدوى أو الموت، إذ إن عدد حالات الوفاة اليومية قدرت بثلاث إلى خمس حالات.
شهدت المدينة أول إحصاء سكاني العام 1880، أظهر أن عدد سكانها حوالي العشرة آلاف نسمة، ثم شهد العام 1893 إحصاءً ثانيًا أظهر أن عدد سكانها قد ارتفع إلى اثنين وعشرين ألف نسمة، وشهد العام 1895 افتتاح أول مدرسة ثانوية في المدينة؛ وحوّلت المدينة إلى متصرفية العام 1908 إثر انقلاب حزب الاتحاد والترقي، وإعلان الدستور العثماني، ومع بداية القرن العشرين، أطلقت في المدينة أول صحيفة منها كانت تدعى "اللاذقية" تلتها صحيفة "المنتخب" عام 1910 و"أبو النوّاس" عام 1911، أما آخر حاكم عثماني على اللاذقية فهو رشيد بك طليع، إذ احتلت خلال متصرفيته اللاذقية الجيوش الفرنسية وذلك في 5 تشرين الثاني 1918، لتبدأ مع ذلك، مرحلة تاريخية جديدة في حياة المدينة .
الإنتداب الفرنسي وعهد الإستقلال :
بحسب اتفاقية سايكس بيكو الشهيرة في التاريخ عام 1916، فإن اللاذقية قد فصلت عن سوريا وأتبعت إلى الحكم الفرنسي المباشر وعندما قام الحكم الوطني في دمشق بقيادة الملك فيصل بن الحسين، لم يشمل هذا الحكم اللاذقية التي كانت تحت سيطرة القوات الفرنسية المباشرة منذ العام 1918، وكذلك فإن سكان اللاذقية لم يمثلوا في المؤتمر السوري العام، وهو البرلمان السوري الأول، للسبب نفسه؛ لكن حكم فيصل سرعان ما انتهى بدخول الجنرال غورو إلى دمشق في تموز 1920، وأعلنت الحكومة الفرنسية تقسيم سوريا إلى عدد من الدويلات، هي فلسطين، تحت الإدارة البريطانية، وإمارة شرق الأردن، تحت الإدارة البريطانية أيضًا، ودولة لبنان الكبير، ذات الطابع المسيحي، ودولة جبل العرب، ذات الطابع الدرزي، ودولة اللاذقية، ذات الطابع العلوي، بالإضافة إلى سنجق لواء اسكندون، المتنازع عليه بين سوريا وتركيا، فضلاً عن دولتي حلب ودمشق؛ وقد كانت حدود دولة اللاذقية تشمل حدود محافظتي اللاذقية وطرطوس في أيامنا هذه مضافًا إليها منطقتي تلكلخ ومصياف.
بيد أن المدينة قد شهدت ثورات عديدة ضد الانتداب الفرنسي وضد حكومة اللاذقية، مطالبين بإعادة المدينة إلى الدولة السورية، قد تكون أكبر تلك الثورات وأشهرها، ثورة صالح العلي التي أطلقها من قرية الشيخ بدر قرب مدينة اللاذقية العام 1922، وظلت قضية ارتباط اللاذقية بحكومة دمشق محل أخذ ورد، طوال العقد التالي، فبعد أن أعلن اتحاد فدرالي تحت رعاية الانتداب بين دويلات سوريا الخمسة أعاد الفرنسيون ألغاءه العام 1930، ثم أعيد حل الدويلات عام 1936 إثر توقيع معاهدة التعاون بين سوريا وفرنسا في العام نفسه، لكن سرعان ما تم تجميد العمل بالاتفاقية وأعيدت المدينة إلى الحكم الفرنسي المباشر؛ ثم تأزم الوضع من جديد مع استفتاء لواء اسكندون العام 1938 واحتلاله من قبل تركيا العام 1939، وتصاعدت الاحتجاجات الشعبية والرسمية ضد نظام الدويلات حتى أعلن عن إلغاءه العام 1942، وزار الرئيس السوري آنذاك شكري القوتلي المدينة بعيد انتخابه في آذار 1944.
شهدت المدينة كسائر أنحاء سوريا، انتفاضات شعبية مطالبة بالاستقلال إثر نهاية الحرب العالمية الثانية العام 1945، وكانت ثانوية جول جمال، في ساحة الشيخ ضاهر مركزًا لتلك الاحتجاجات والاعتصامات ضد الانتداب الفرنسي، وأوقعت المصادمات بين المحتجين والانتداب 20 قتيلاً يوم 5 تموز 1945 تلاه في 21 تموز قرار المجلس البلدي استبدال أسماء الشوارع الفرنسية بشوارع عربية، فظهرت للمرة الأولى تسميات أمثال شارع بيروت وشارع أنطاكية وغيرها؛ وقد انتهت تلك الحركة الوطنية التي عمّت مختلف أنحاء سوريا، بإعلان جلاء القوّات الفرنسية عنها مانحة البلاد الاستقلال الكامل؛ فبدأت القوات الفرنسية بالانسحاب من مدينة اللاذقية اعتبارًا من يوم 21 آذار 1946، وأنهت انسحابها نحو بيروت في 11 نيسان، ولم يعد هناك أي تواجد للفرنسيين في المدينة، واحتفلت اللاذقية بالجلاء الكامل عن دمشق يوم 17 نيسان عام 1946 بعرض عسكري في شارع بغداد، وهو العيد الوطني لسوريا حتى أيامنا هذه. أما عن وضع المدينة بعد الاستقلال، فقد صدر مرسوم تأسيس شركة مرفأ اللاذقية العام 1950 ووسّع عامي 1956 و1975، ما ساهم في ارتفاع مستوى المعيشة وزيادة عدد سكان المدينة، حتى بلغ 45000 نسمة العام 1948، واضطرت الحكومة لحفر آبار ارتوازية لتأمين مياه الشرب مع تزايد عدد السكان، وذلك عامي 1953 و1963 ثم أنشأ سد نهر السن الذي يأمن مياه المدينة حتى اليوم العام 1971، ونتيجة لتوسعها شملت المدينة العديد من القرى التي كانت تعتبر خارجة عن حدودها الإدارية في السابق كالقنينص والبساتين، واستحدثت محافظة طرطوس العام 1966، بعد أن كانت طرطوس واللاذقية، محافظة واحدة؛ ثم صدر مرسوم تأسيس جامعة تشرين الحكومية عام 1971 وبدأ الدوام فيها عام 1983. وأصبح عدد سكانها مع العام 1971 126000 نسمة، ثم 241000 مع العام 1987 تلاه 303000 العام 1994، وتشير الإحصاءات التقريبية إلى ما بين نصف مليون إلى 700000 نسمة العام 2009.
لكونها مركز محافظة، فإن جميع وزارات الدولة الخدمية تملك مديريات عامة في المدينة (السياحة، المالية، النقل والمواصلات، الكهرباء والمياه، الإدارة المحلية، الزراعة، الصحة، الأوقاف، الإسكان، مديريتي الهجرة والجوزات والأمن الداخلي ويتبعان لوزارة الداخلية مباشرة، الاتصالات، شُعب تجنيد ومشفى عسكري وعدد من الثكنات العسكرية تتبع مباشرة لوزارة الدفاع، الثقافة، التجارة الخارجية، التجارة الداخلية والتموين، العمل، تخطيط الدولة)، إلى جانب ذلك عدد من النقاباات والاتحادات العمالية والفلاحية واتحاد طلبة المدينة الجامعيين، فضلاً عن غرفة الصناعة والتجارة.
وتحوي اللاذقية أيضًا على عدد من القنصليات والبثعات الرسمية الأجنبية، كالقنصليات البريطانية والفرنسية والتركية واليونانية والبلجيكية والسلوفينية والدنماركية والفنلندية وتشيكية والاسبانية وتعتبر هذه الأخيرة الأحدث إذ افتتحت العام 2010[86]؛ أما بالنسبة للنشاط الحزبي، فينشط بها عدد من الأحزاب أهمها حزب البعث العربي الاشتراكي التي تنصّ المادة الثامنة من الدستور السوري على كونه الحزب القائد للدولة والمجتمع، وتحوي المدينة مركز قيادة الحزب لفرع المنطقة الساحلية في سوريا؛ وإلى جانب حزب البعث تنشط عدد من أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية (الإئتلاف الحاكم في سوريا) أبرزها الحزب الاشتراكي العربي وهو أحد الأحزاب الناصرية الاتجاه، والحزب الشيوعي السوري، أما من خارج الجبهة الوطنية التقدمية ينشط بنوع خاص الحزب السوري القومي الاجتماعي (يمتلك صفة مراقب في الجبهة الوطنية التقدمية منذ العام 2001؛ هناك أيضًا النفوذ السياسي المحلي، لبعض العائلات ووجهاء المدينة.
وإلى جانب الأحزاب السياسية هناك عدد من الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، كجمعية مسار التي تعنى بالخدمات الاجتماعية العامة، وجمعية بشائر النور التي تعنى بالاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وجمعية الرحمة للاهتمام بالمسنين فضلاً عن الجمعية السورية التقنية التي تعنى بوسائل الاتصال الحديثة في المدينة؛ ويقدر عدد منظمات المجتمع المدني بما يفوق مائة وعشرين منظمة وجمعية.
يرأس محافظة اللاذقية محافظ معين من قبل رئيس الجمهورية في حين أنه يرأس المدينة رئيس مجلس المدينة وهو منتخب من قبل الشعب يعاونه مجلس المدينة المنتخب أيضًا لمدة أربع سنوات، وتتبع هذه الهيئات لوزارة الإدارة المحلية.
أما من ناحية الحروب والمعارك، ، فإن اللاذقية شاركت في العصر الحديث بمعركتين رئيسيتين أولهما وسلطات الانتداب الفرنسي على سوريا عامي 1944 و1945 وثانيهما في الصراع العربي الاسرائيلي حيث تعرضت المدينة لقصف عنيف من قبل اسرائيل في حربي عامي 1967 و1973 ونشبت معركة بحرية قبالة شواطئ المدينة بين الأسطول السوري والأسطوال الإسرائيلي المعادي، كان النصر فيها حليف الأسطول السوري وخسرت إسرائيل بنتيجتها اثني عشر قطعة بحرية.
البنوك والمصارف :
تنشط البنوك والمصارف في اللاذقية بشكل واضح، فهناك أولاً المصرف المركزي وإلى جانبه عدد من البنوك الحكومية كالبنك التجاري السوري بفروعه الأربعة العاملة داخل المدينة، والمصرف العقاري ويملك فرعان، ويقوم بتقديم قروض سكنية للمواطنين على فترات طويلة تصل إلى خمسة عشر عامًا بهدف تأمين مساكن جيدة للمواطنين، وكذلك هناك مصرف التسليف الشعبي وصندوق توفير البريد؛ وإلى جانب المصارف التابعة للقطاع العام، هناك المصارف الخاصة والمصارف الإسلامية، وبشكل عام فإن أغلب البنوك الخاصة العاملة في سوريا تملك فرعًا أو أكثر في مدينة اللاذقية، كبنك بيمو السعودي الفرنسي، وبنك سوريا والمهجر من مجموعة بنك لبنان والمهجر وبنك عودة وبنك بيبلوس والبنك الدولي للتمويل والبنك العربي وبنك الشام والبنك السوري الأردني[، فضلاً عن عدد من شركات الصرافة كحنيفة للصرافة وويسترن يونيون، وأيضًا عدد من شركات التأمين، تعتبر السورية للتأمين أكبرها؛ وبالتالي فاللاذقية تعتبر مركزًا ماليًا هامًا في سوريا، إلا أنها لا تحتوي على بورصة أو سوق للأوراق المالية، إذ إن تجربة البورصات وأسواق المال في سوريا حديثة العهد نسبيًا، وتتبع التعاملات المالية للاذقية عادة لسوق دمشق للأوراق المالية وهو السوق المالي الوحيد الموجود في البلاد. أما عن العملة المستعملة، فيتعامل السكان بالليرة السورية، التي هي عملة البلاد الرسمية؛ وقبل صدور الليرة السورية، كان اللاذقيون يستعملون الليرة العثمانية ويطلقون عليهاا اسم "عثمليّة" وكذلك الليرة المصرية ويطلقون عليها اسم "مصريّة"، ومن هنا شاع استخدام لفظ "مصاري" في اللغة العامة للإشارة إلى النقود، شأنها بذلك شأن سائر مناطق سوريا ولبنان.
الشركات والمصانع:
إلى جانب كون اللاذقية مركزًا سياحيًا هامًا، فهي مركز صناعي وتجاري هام أيضًا، وينشط فيها بنوع خاص - بحكم موقعها - المخلصون الجمركيون ومكاتب الاستيراد والتصدير، خصوصًا إثر غزو العراق العام 2003، حيث أن أغلب واردات العراق القادمة من أوروبا تصل العراق عن طريق سوريا قادمة من مرفأ بيروت أو من مرفأ اللاذقية، وكذلك الحال بالنسبة لواردات الأردن، ويعتبر مرفأ اللاذقية بحد ذاته من أكبر وأهم المؤسسات في المدينة، إذ إنه يشكل عصب الحياة الاقتصادية فيها، ويستخدم مرفأ اللاذقية ذو سعة التخزين المقدرة بحوالي 620 ألف حاوية[، لاستيراد وتصدير المواد التجارية والصناعية المختلفة، خصوصًا الحبوب والقطن والزيوت النباتية والتبغ، أما النفط والفوسفات تصدر عادة من مينائي طرطوس وبانياس؛ كذلك تعتبر مؤسسة التبغ العامة التي تنتج السجائر المحلية المعروفة باسم "الحمرا" من كبريات مؤسسات اللاذقية وهي تتبع القطاع العام أيضًا؛ وتحوي المدينة مصنعًا كبيرًا لتصنيع الأدوية يتبع القطاع العام